الشيطان يحكم _ الدكتور مصطفى محمود

صورة
 قطار اللذة  منذ   ألف   سنة   كان   أقصى   ما   يطمح   فيه   إنسان   قطعة   أرض   و   بضعة   رؤوس   من   الماشية ..  كان   هذا   هو الثري   الأمثل   في   ذلك   العصر ..  و   كان   أقصى   ما   يحلم   به   ذلك   الثري   هي   عربة   مطهمة   يجرها   حصان ليدخل   بها   مجتمع   الوجهاء   و   أهل   الشياكة . و   اليوم   نقول   عن   من   يملك   العربة   و   الحصان   إنه   ((   عربجي))   و   هو   في   اعتبارنا   من   الناس   الدون  . أما   أهل   الشياكة   و   الوجاهة   فقد   استبدلوا   بالأرض   العمارات ..  ثم   استبدلوا   بالعمارات   الشركات ..  ثم استبدلوا   بالشركات   مجرد   دفتر   سندات   أو  ...

آدم عليه السلام

 




تعليم آدم الأسماء 


ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة : ( وَعَلَّمَ آدَمَالأَسْمَاء كُلَّهَا) . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - ألفاظ منطوقة - وهي قدرة ذات قيمة كبرى فيحياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماءللمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيءبذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبلفلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذاالفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذاالكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .


أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم ... فلما علّم الله آدم هذاالسر , وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمامهذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ما علمهم . . ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياءثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم : (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُمَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .


أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة فيفهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرفشيء فيه.. قدرته على التعلم والمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلموالمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيهاوالسيادة عليها.. ويدخل في هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرضً .

........ يتبع 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السيرة النبوية الشريفة بقلم الدكتور مصطفى محمود الجزء _٤ _

قصة سيدنا نوح عليه السلام

السيرة النبوية الشريفة بقلم الدكتور مصطفى محمود الجزء _ ٤ _